مع كل يوم يمر تتفاقم الأزمة السياسية والشعبية العراقية على نحو بات ينذر بتفجر الأوضاع, ما دفع برئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارازاني لدعوة الفرقاء السياسيين العراقيين إلى طاولة الحوار مجددا لعقد اجتماع موسع أواخر مارس، يضم قادة الكتل السياسية المتناحرة للبحث في سبل إنهاء الأزمة التي مضى عليها سنوات عدة دون أن تخف حدتها والتي تطورت لتتحول إلى سلسلة احتجاجات عمت عدة مدن عراقية.
ويسعى الساسة العراقيون في أربيل إلى إيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة، وتلبية لمبادرة جديدة يقودها رئيس إقليم كردستان العراق.
ورحبت معظم الكتل السياسية بالدعوة، باستثناء ائتلاف دولة القانون الذي أعرب عن تحفظه، معتبرا أن بارازاني "ما عاد مؤهلا للعب مثل هذه الأدوار".
وفي ظل اختلاف الساسة في البلاد لتحديد أسباب الأزمة وتبادل الاتهامات فيما بينهم يبدو الحل مستعصيا ما يوسع مساحات الاختلاف بين العراقيين.
وأصبح رئيس الوزراء، نوري المالكي، أبرز المتهمن في نظر خصومه الأكراد، الذين كانوا حلفائه سابقا، والذين يتهمونه بافتعال الأزمات، وبالتهرب من كل أزمة من خلال افتعال أخرى.
وكان تكتل الائتلافين المالكي والكردي أدى قبل فترة قصيرة إلى حشد عسكري بين الطرفين كاد أن يشعل الاقتتال في البلاد ما يهدد بتقسيمه.
كما أثرت أزمة العراق على الأداء في مجلس النواب، ما عطل العملية التشريعية برمتها.
وأدى مرض الرئيس جلال طالباني وعلاجه في الخارج إلى غياب الحكم بين الكتل المتناحرة، حيث قامت الأجهزة الأمنية بحملة اعتقال طالت العشرات من أفراد حماية وزير المالية،
والقيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي ما أدى إلى خروج مظاهرات في مدن عدة.
جمعة تتلو جمعة
وعقب عمليات الاعتقال توالت الأسابيع، جمعة بعد الأخرى، تتخللها موجات من الاحتجاج والاعتصام، وتحمل كل جمعة اسمها الخاص ذو الدلالات الاعتراضية والاحتجاجية على السياسات الحكومية.
وفي الجمعة الثالثة عمّ الاستياء صفوف المتظاهرين جراء وصفهم من قبل رئيس الحكومة بأنهم فقاعات نتنة، وأنهم قابضي أموال سياسية من دول تتربص الشر بالعراق.
وأعقب ذلك انضمام مدن جديدة إلى حركات الاعتصام والاحتجاج، وشهدت 7 محافظات تقع شمال وغرب العاصمة بغداد، إضافة الى بعض أحياء العاصمة، سلسلة احتجاجات شارك فيها ملايين المتظاهرين، فسارعت الحكومة إلى غلق المعابر الحدودية من جهة المحافظات المنتفضة، لتعيد لاحقا فتحها تحت وطأة الضغط، لكنها فتحت عقب ذلك جبهة جديدة في الفلوجة، حين أقدم عدد من عناصر الجيش على قتل 7 متظاهرين.
وقرر مجلس النواب العراقي، على خلفية مقتل المتظاهرين، تشكيل لجنة أوكلت إليها مهمة التحقيق في ما جرى، على أن تقدم تقريرها في غضون 48 ساعة، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن.
وشهد يوم التظاهر "الستين" اتساعا في رقعة الاحتجاجات حيث شارك قرابة 7 ملايين متظاهر بحسب المنظمين، وتكررت فيه المطالب بإسقاط النظام، وبإعادة صياغة بنود الدستور، وبإحداث توازن في مؤسسات الدولة، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلات ومن لم تثبت إدانتهم، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، والعدالة في تطبيق المساءلة على البعثيين.